فصل: باب ما لا يجوز من بيع الحيوان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***


باب ما لا يجوز من بيع الحيوان

1315- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله نهى عن بيع حبل الحبلة وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها قال أبو عمر جاء تفسير هذا الحديث في سياقه فإن لم يكن تفسيره مرفوعا من قول بن عمر وحسبك بتأويل من روى هذا الحديث وعلم مخرجه‏.‏

1316- مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال لا ربا في الحيوان وإنما نهي من الحيوان عن ثلاثة عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال وتفسير سعيد بن المسيب هذا يدل على ما تدل عليه ترجمة الباب من بيع الحيوان وأنه لا يجوز منه بيع الأجنة ولا بيع ما لم يخلق أو لا بيع ما يقع عليه العين ويحيط به العلم والتفسير في الحديث الأول يحتمل مثل هذا أيضا والأظهر فيه النهي عن البيوع إلى الآجال المجهولة لقوله فيه أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها وبهذا التأويل قال مالك والشافعي وأصحابهما ولا خلاف بين العلماء أن البيع إلى مثل هذا الأجل المجهول لا يجوز وكفى بالإجماع علما وقد جعل الله - عز وجل - الأهلة مواقيت للناس وهي معلومة فما كان معلوما من الآجال لا يختلف مجيئة ولا يجهل وقته فجائز البيع إليه لا خلاف بين المسلمين فيه وقال آخرون معنى هذا الحديث بيع ولد الجنين في بطن أمه هذا قول أبي عبيد قال أبو عبيد عن بن علية هو نتاج النتاج وبهذا التأويل قال أحمد وإسحاق بن راهويه والتأويلات جميعا مجتمع عليها لا خلاف والحمد لله بين علماء المسلمين فيه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع المجر وهو بيع ما في بطون الإناث ونهى عن المضامين والملاقيح قال أبو عبيد المضامين ما في البطون وهي الأجنة والملاقيح ما في أصلاب الفحول وهذا قول سعيد بن المسيب واستشهد أبو عبيد بقول الشاعر ملقوحة في بطن ناب حائل وفي البيت الذي استشهد به ‏(‏‏(‏ملقوحة‏)‏‏)‏ وكان وجه ما استشهد به أن يقول مضمونة في بطن الحامل وقال غيره المضامين ما في أصلاب الفحول والملاقيح ما في بطون الإناث وذكر المزني عن بن هشام شاهدا بأن الملاقيح ما في البطون لبعض الأعراب منيتني ملاقحا في الأبطن تنتج ما تلقح بعد أزمن وأي الأمرين كان فعلماء المسلمين مجمعون على أن ذلك كله لا يجوز في بيوع الأعيان ولا في بيوع الآجال والحمد لله كثيرا قال أبو عمر في رواية بن عمر لحديث هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يرد ما روي عنه من تجويز ذلك البيع إلى الأجل المجهول ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال بلغني أن بن عمر كان يبتاع إلى ميسرة ولا يسمي إلى أجل قال‏.‏

وأخبرني إسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع عن القاسم بن أبي بزة عن يعقوب أنه كان يبتاع منه إلى الميسرة ولا يسمي أجلا قال مالك لا ينبغي أن يشتري أحد شيئا من الحيوان بعينه إذا كان غائبا عنه وإن كان قد رآه ورضيه على أن ينقد ثمنه لا قريبا ولا بعيدا قال مالك وإنما كره ذلك لأن البائع ينتفع بالثمن ولا يدري هل توجد تلك السلعة على ما رآها المبتاع أم لا فلذلك كره ذلك ولا بأس به إذا كان مضمونا موصوفا قال أبو عمر أما بيع الحيوان الغائب وغير الغائب أيضا عن العلماء في ذلك ثلاثة أقوال أحدها قول مالك إن ذلك جائز فإن وجده على الصفة لزم فيه البيع والشراء ولا خيار للرؤية في ذلك إلا أن يشترط المشتري والثاني أن بيع الغائب على الصفة وعلى غير الصفة جائز وللمبتاع خيار الرؤية فإذا رآه ورضيه تمت الصفقة وصح البيع هذا قول الكوفيين والشافعي والثالث أنه لا يجوز بيع الغائب على الصفة ولا على غير الصفة ولا يجوز إلا بيع عين مرئية أو صفة مضمونة في الذمة وهو السلم هذا هو المشهور من قول الشافعي وسنذكر هذه المسألة في باب بيع الغرر أن شاء الله تعالى‏.‏

وأما النقد المذكور في هذه المسألة فإنما كرهه مالك وقد ذكر الوجه الذي له كرهه لأن ما كرهه مالك لانه زعم أنه يدخله بيع وسلف وقد اختلف أصحابه في جواز النقد في باب بيع الحيوان الغائب وغير الحيوان وذكر بن المواز عن بن القاسم أنه قال إن كانت الغيبة مثل البريد أو البريدين فلا بأس بالنقد فيه وقال أشهب لا بأس بالنقد فيه اليوم واليومين كان حيوانا أو طعاما قال أشهب لا بأس به وإن كان بعيدا لم يجز النقد فيه كان المبيع ضارا أو ما كان من شيء وروى بن القاسم عن مالك أنه قال لا بأس بالنقد في الدور والعقار كله لأنه مأمون وروى أشهب عن مالك مثل ذلك وخالفه فلم ير النقد في شيء منه وأجاز بن القاسم النقد في المبيع على الصفة طعاما كان أو غيره إذا كان على اليوم واليومين قال أبو عمر إنما كره مالك النقد في الحيوان الغائب لأن الحيوان يسرع إليه التغيير ما لا يسرع إلى غير الحيوان فكان عنده في معنى البيع والسلف إذا نقد فيه يدخله ذلك على مذهبه في الأغلب السرعة تغيره وليس العقار كذلك وعلة أشهب في تسويته بين العقار وغيره ما جعله مالك علة في ذلك لأنه ربما لم يوجد على الصفة فيكون البائع قد انتفع بالثمن فأشبه البيع والسلف‏.‏

وأما قوله ولا بأس به إذا كان مضمونا موصوفا فإنه أراد السلم المعروف على شروطه‏.‏

باب بيع الحيوان باللحم

1317- مالك عن زيد بن اسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان باللحم‏.‏

1318- مالك عن داود بن الحصين أنه سمع سعيد بن المسيب يقول من ميسر أهل الجاهلية بيع الحيوان باللحم بالشاة والشاتين‏.‏

1319- مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول نهي عن بيع الحيوان باللحم قال أبو الزناد فقلت لسعيد بن المسيب أرأيت رجلا اشترى شارفا بعشرة شياه فقال سعيد إن كان اشتراها لينحرها فلا خير في ذلك قال أبو الزناد وكل من أدركت من الناس ينهون عن بيع الحيوان باللحم قال أبو الزناد وكان ذلك يكتب في عهود العمال في زمان أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل ينهون عن ذلك قال أبو عمر لا أعلم حديث النهي عن بيع الحيوان باللحم يتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه ثابت وأحسن أسانيده مرسل سعيد بن المسيب على ما ذكره مالك في موطئه وقد روي فيه عن مالك إسناد منكر قد ذكرناه في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ ورواه معمر عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اللحم بالشاة الحية قال معمر قال زيد بن أسلم نظرة ويدا بيد وقد اختلف الفقهاء في القول بهذا الحديث والعمل به والمراد منه فكان مالك يقول معنى هذا الحديث تحريم التفاضل في الجنس الواحد حيوانه بلحمه وهو عنده من باب المزابنة والغرر والقمار لأنه لا يدري هل في الحيوان مثل اللحم الذي أعطى أو أقل أو أكثر وبيع اللحم باللحم لا يجوز متفاضلا فكان بيع الحيوان باللحم كبيع اللحم المغيب في جلده بلحم إذا كانا من جنس واحد والجنس الواحد عنده الإبل والبقر والغنم والظباء والوعول وسائر الوحوش وذوات الأربع المأكولات هذا كله عنده جنس واحد لا يجوز بيع شيء من حيوان هذا الصنف والجنس كله بشيء من لحمه بوجه من الوجوه لأنه عنده من باب المزابنة كأنه الزبيب بالعنب والزيت بالزيتون والشيرج بالسمسم ونحو ذلك والطير كله عنده جنس واحد الدجاج والأوز والبط والحمام واليمام والنعام والحدأ والرخم والنسور والعقبان والبزاة والغربان وطير الماء وطير البر كله لأنه يرى أكل الطير كله سباعه وغير سباعه ذي المخلب منه وغير ذي المخلب والحيتان عنده كلها جنس واحد وكذلك كل ما في الأنهار والبحار من السمك وغير السمك وقد روي عن مالك أن الجراد وحده صنف واحد وما ذكرت لك من أصله من بيع الحيوان باللحم هو مذهبه المعروف عنه وعن جماعة أصحابه إلا أشهب فإنه لا يقول بقول مالك في بيع الحيوان باللحم ومال فيه إلى مذهب الكوفيين ولم يقل فيه بما روي من الحديث عن مالك وعمل أهل المدينة هذا فيما أحسب مما رواه أبو إسحاق البرقي عن أشهب والمعروف عن أشهب أن اللحم الذي لا حياة فيه لا يجوز بيعه بشيء من الحيوان من جنسه وإنما ما يقتنى من الحيوان لأنه حيوان كله فخالف سعيد بن المسيب في الشارف بعشر شياه وخالف مالكا وبن القاسم في ذلك قال أبو عمر إذا اختلف الجنسان فلا خلاف عند مالك وأصحابه أنه جائز حينئذ بيع الحيوان باللحم وجائز عندهم بيع ما شئت من الأنعام بما شئت من الطير والحيتان وبيع ما شئت من الطير والأنعام بما شئت من الحيوان ونحو ذلك ولا يجوز عند مالك وأصحابه - إلا أشهب - أن يباع الدجاج بطير الماء لأن طير الماء لا يقتنى فهو كاللحم والأصل في هذا قول سعيد بن المسيب في الشارف إن كان اشتراها لينحرها فلا يجوز - يعني بيعها - بغنم أحياء وكان بن القاسم لا يجيز حي ما يقتنى بحي ما لا يقتنى لا مثلا بمثل ولا متفاضلا لأنه حيوان بلحم وأجاز حي ما لا يقتنى على التحري‏.‏

وأما حي ما يقتنى بحي ما لا يقتنى فجائز عندهم متفاضلا يدا بيد على ما ذكرنا من أصولهم في بيع الحيوان بعضه ببعض‏.‏

وقال أحمد بن حنبل لا يجوز بيع اللحم بالحيوان‏.‏

وقال الشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف لا بأس باللحم بالحيوان من جنسه وغير جنسه على كل حال بغير اعتبار‏.‏

وقال أحمد بن حنبل لا يجوز إلا على الاعتبار قال أبو عمر الاعتبار عنده كالتحري عند بن القاسم وقال المزني إن لم يصح الحديث في بيع الحيوان باللحم فالقياس أنه جائز وإن صح بطل القياس واتبع الأثر وقال الليث بن سعد والشافعي وأصحابه لا يجوز بيع اللحم بالحيوان على كل حال من الأحوال من جنس واحد كان أو من جنسين مختلفين على عموم الحديث قال أبو عمر ذهب الشافعي إلى القول بهذا الحديث وان كان مرسلا وأصله إلا تقبل المراسيل لأنه زعم أنه افتقد مراسيل سعيد بن المسيب فوجدها أو أكثرها مسنده صحاحا وكره جميع أنواع الحيوان بأنواع اللحوم على ظاهر الحديث وعمومه لأنه لم يأت أثر يخصه ولا اجماع ولا يجوز عنده أن يخص النص بالقياس والحيوان عنده أشهر لكل ما يعيش في البر والماء وإن اختلفت أجناسه كالطعام الذي هو اسم لكل مأكول ومشروب وروي عن بن عباس أن جزورا نحرت على عهد أبي بكر فقسمت على عشرة أجزاء فقال رجل أعطوني جزءا منها بشاة فقال أبو بكر لا يصلح هذا قال الشافعي ولست أعلم لأبي بكر في ذلك مخالفا من الصحابة قال أبو عمر قد روي عن بن عباس أنه أجاز بيع الشاة باللحم وليس بالقوى وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كره أن يباع حي بميت - يعني الشاة المذبوحة بالقائمة وقال سفيان ونحن لا نرى به بأسا قال أبو عمر للكوفيين في أنه جائز بيع اللحم بالحيوان حجج كثيرة من جهة القياس والاعتبار لانه إذا صح الأثر بطل القياس والنظر وبالله التوفيق‏.‏

باب بيع اللحم باللحم

1320- قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا في لحم الإبل والبقر والغنم وما أشبه ذلك من الوحوش أنه لا يشترى بعضه ببعض إلا مثلا بمثل وزنا بوزن يدا بيد ولا بأس به وإن لم يوزن إذا تحرى أن يكون مثلا بمثل يدا بيد قال مالك ولا بأس بلحم الحيتان بلحم الإبل والبقر والغنم وما أشبه ذلك من الوحوش كلها اثنين بواحد وأكثر من ذلك يدا بيد فإن دخل ذلك الأجل فلا خير فيه قال مالك وأرى لحوم الطير كلها مخالفة للحوم الأنعام والحيتان فلا أرى بأسا بأن يشترى بعض ذلك ببعض متفاضلا يدا بيد ولا يباع شيء من ذلك إلى أجل قال أبو عمر هذا مذهب مالك لا خلاف عنه في ذلك وذكر بن القاسم وغيره في الألبان مثل ذلك وهو قول الليث بن سعد في اللحوم والألبان سواء‏.‏

وأما الشافعي فذكر المزني عنه قال اللحم كله صنف واحد وحشيه وإنسيه وطائره لا يحوز بيعه إلا مثلا بمثل وزنا بوزن وجعله في موضع آخر على قولين أحدهما ما ذكرنا والآخر أن لحم البقر صنف غير لحم الإبل وغير لحم الغنم قال المزني قد قطع بأن ألبان البقر والغنم والإبل أصناف مختلفة قال فلحومها التي هي أصول الألبان أولى أولى بالاختلاف‏.‏

وقال الشافعي في ‏(‏‏(‏الإملاء‏)‏‏)‏ إذا اختلفت أجناس الحيتان فلا بأس ببيع بعضها ببعض متفاضلا قال وكذلك لحوم الطير إذا اختلفت أجناسها‏.‏

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد لحم الضأن والماعز شيء واحد وكذلك البختي من الإبل مع القوهي وكذلك البقر مع الجواميس فلا يباع الجنس منها متفاضلا ويباع لحم البقر بلحم الغنم متفاضلا وكذلك الأجناس المختلفة وهو قول الحسن بن حي والقول عندهم في الألبان كالقول في اللحمان‏.‏

وقال أحمد بن حنبل اللحمان كلها جنس واحدة لا يجوز بعضه ببعض رطبا ويجوز إذا تناهى جفافه مثلا بمثل قال أبو عمر لا يجوز التحري عند الشافعي ولا عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وأكثر العلماء في اللحم باللحم ولا فيما يحرم فيه التفاضل والزيادة والله أعلم قال أبو عمر ليس في هذا الباب أصل مجتمع عليه ولا سنة يصدر عنها وإنما هو الرأي والاجتهاد والقياس والله الموفق‏.‏

باب ما جاء في ثمن الكلب

1321- مالك عن بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن يعني بمهر البغي ما تعطاه المرأة على الزنى وحلوان الكاهن رشوته وما يعطى على أن يتكهن قال مالك أكره ثمن الكلب الضاري وغير الضاري لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب قال أبو عمر لا خلاف بين علماء المسلمين في أن مهر البغي حرام وهو على ما فسره مالك لا خلاف في ذلك والبغي الزانية والبغاء الزنى قال الله عز وجل ‏(‏وما كانت أمك بغيا‏)‏ ‏[‏مريم 28‏]‏‏.‏ يعني زانية وقال تبارك اسمه ‏(‏ولا تكرهوا فتيتكم على البغاء‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

أي على الزنى وكذلك لا خلاف في حلوان الكاهن أنه ما يعطاه على كهانته وذلك كله من أكل المال بالباطل والحلوان في أصل اللغة العطية قال الشاعر فمن رجل أحلوه رحلي وناقتي يبلغ عني الشعر إذا مات قائله‏.‏

وأما بيع الكلاب وأثمانها وقيمتها على من قتلها فقد اختلف العلماء في ذلك والصحيح فيه من مذهب مالك ما ذكره في ‏(‏‏(‏موطئه‏)‏‏)‏ والحجة له من جهة الآثار صحيحة منها ما ذكره بن وهب عن يونس عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو ماشية قال أبو عمر فإذا كان غير الضاري من الكلاب مأمور بقتله فإنما وقع النهي عن ثمن الكلب المباح اتخاذه لا المأمور بقتله لأن المأمور بقتله معدوم ولأنه محال إلا يطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما أمر به من قتله وقد اختلف أصحاب مالك واختلفت الرواية عنده في ثمن الكلب الذي أبيح اتخاذه فأجاز مرة ثمن الكلب الضاري ومنع منه أخرى ووجه إجازة بيع ما أبيح اتخاذه من الكلاب لأن الحديث الذي ورد بالنهي عن ثمن الكلب فمن نذر معه حلوان الكاهن ومهر البغي وهذا لا يباح شيء منه على أنه الكلب الذي لا يجوز اتخاذه والله أعلم لان من الكلاب ما أبيح اتخاذه والانتفاع به فذلك جائز بيعه ولا خلاف عنه من قتل كلب صيد أو ماشية أو زرع فعليه القيمة ومن قتل كلب الدار فلا شيء عليه إلا أن يكون يسرح مع الماشية وقد ذكرنا اختلاف أصحاب مالك في هذا الباب في كتاب اختلافهم واختلاف قول مالك‏.‏

وأما الشافعي فلا يجوز عنده بيع الكلب الضاري ولا غير الضاري ولا يحل عنده ثمن كلب الصيد ولا كلب الماشية ولا كلب الزرع لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وليس على من قتل كلب الصيد أو لغير صيد قيمة عندهم بحال من الأحوال قال أبو عمر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ثمن الكلب من حديث علي بن أبي طالب وبن عباس وأبي مسعود الأنصاري وأبي هريرة وأبي جحيفة ورافع بن خديج وغيرهم - رضي الله عنهم حدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني أحمد بن زهير قال حدثني عبد الله بن جعفر قال حدثني عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم - يعني الجزري - عن قيس بن حبتر عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الخمر ومهر البغي وثمن الكلب وقال ‏(‏‏(‏إذا أتاك صاحب الكلب وطلب ثمنه فاملأ كفيه ترابا‏)‏‏)‏‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه يجوز بيع الكلاب التي للصيد والماشية وبيع الهر وعلى من قتل أو أتلف من ذلك شيئا قيمته واحتج الطحاوي للكوفيين بحديث عبد الله بن مغفل - قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم قال ما لي وللكلب ثم رخص في كلب الصيد وكلب ماشية قال فأخبر أن كلب الصيد كان مقتولا فكان بيعه والانتفاع به حراما وكان قاتله مؤديا لفرض عليه في قتله ثم نسخ ذلك وأباح الاصطياد به فصار كسائر الجوارح في جواز بيعه قال ومثل ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وقال كسب الحجام خبيث وثمن الكلب خبيث‏)‏‏)‏ ثم أعطى الحجام أجره فكان ذلك ناسخا لمنعه وتحريمه ونهيه قال أبو عمر لم يختلف في ألفاظ حديث بن عبد الله بن مغفل هذا حدثني سعيد بن نصر قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني بن وضاح قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني شبابة قال حدثني شعبة عن أبي التياح قال سمعت مطرفا يحدث عن بن مغفل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ثم قال ‏(‏‏(‏ما لهم والكلاب‏)‏‏)‏ ثم رخص لهم في كلب الصيد وقال ‏(‏‏(‏إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروا الثامنة بالتراب‏)‏‏)‏ وروى الحسن عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏‏(‏لولا أن الكلاب أمة من الأمم أكره أن أفنيها لأمرت بقتلها إلا فاقتلوا منها كل أسود بهيم‏)‏‏)‏‏.‏ قال ‏(‏‏(‏وأيما أهل دار حبسوا كلبا ليس كلب صيد أو زرع أو ماشية نقص من أجرهم كل يوم قيراط‏)‏‏)‏‏.‏

وقال أحمد بن حنبل بيع الكلاب باطل وإن كان معلما ومن قتله وهو معلم فقد أساء ولا غرم عليه قال وبيع الفهد والصقر جائز وكذلك من بيع الهر وكل ما فيه منفعة والله أعلم قال أبو عمر وهو قول مالك والشافعي والكوفيين في بيع كل ما ينتفع به انه جائز ملكه وشراؤه وبيعه ولم يختلفوا في القرد والفأر وكل ما لا منفعة فيه أنه لا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا أكل ثمنه وقد روي في ثمن الهر حديث لا يثبت رفعه في النهي عنه فذكرناه وعلته في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ والله يوفقنا أفضل ما رضوه وبه العون‏.‏

باب السلف وبيع العروض بعضها ببعض

1322- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف قال مالك وتفسير ذلك أن يقول الرجل للرجل آخذ سلعتك بكذا وكذا على أن تسلفني كذا وكذا فإن عقدا بيعهما على هذا فهو غير جائز فإن ترك الذي اشترط السلف ما اشترط منه كان ذلك البيع جائزا قال أبو عمر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وسلف من وجوه حسان منها ما حدثناه عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن أيوب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - عبد الله بن عمرو - قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏‏(‏ لا يحل بيع وسلف‏)‏‏)‏ وذكر تمام الحديث وحديث عمرو بن شعيب مقبول عند جمهور أهل العلم بالحديث يحتجون بهذا روى عنه الثقات وإنما الواهي من حديثه ما يرويه الضعفاء عنه‏.‏

وأما صحيفة التي كانت عندهم فصحيفة مشهورة صحيحه معلوم ما فيها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن لعبد الله بن عمرو في الكتاب عنه روينا عن أبي هريرة أنه قال ليس أحد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحفظ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كتب ولم أكتب وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكتب كل ما أسمع منك قال نعم قال في الرضا والغضب قال ‏(‏‏(‏نعم فإني لا أقول إلا حقا‏)‏‏)‏ وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث في كتاب العلم روينا عن علي بن المديني أنه قال حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيح متصل يحتج به لأنه سمع من أبيه وسمع شعيب من جده عبد الله بن عمرو وقول علي هذا مع إمارته وعلمه بالحديث أولى ما قيل به في حديث عمرو بن شعيب مشروع وبالله التوفيق ولا خلاف بين الفقهاء بالحجاز والعراق أن البيع إذا انعقد على أن يسلف المبتاع البائع سلفا مع ما ذكر من ثمن السلعة أو سلف البائع المبتاع مع سلعته المبيعة سلفا ينعقد على ذلك والصفقة بينهما أن البيع فاسد عندهم لأنه يصير الثمن بالسلف مجهولا والسنة المجتمع عليه أنه لا يجوز الثمن إلا معلوما ألا ترى أنه إذا اشترى منه سلعة بعشرة على أن أسلفه خمسة أو عشرة فلم يكن الثمن عشرة إلا بما ينتفع به من السلف وذلك مجهول فلذلك صار الثمن غير معلوم‏.‏

وأما قول مالك فإن ترك السلف الذي اشترطه كان البيع جائزا فهذا موضع اختلف فيه الفقهاء وكان سحنون يقول إنما يصح البيع إذا لم يقبض السلف وترك وإما إذا قبض السلف فقد تم الربا بينهما والبيع حينئذ مفسوخ على كل حال قال أبو عمر قد رواه بعضهم عن بن القاسم عن مالك ‏(‏‏(‏فإن رد السلف‏)‏‏)‏ وهو خطأ والصواب جاء في ‏(‏‏(‏الموطأ‏)‏‏)‏ ‏(‏‏(‏ترك السلف‏)‏‏)‏ لأن رده لا يكون إلا بعد القبض وإذا قبض السلف فهو كما قال سحنون وقال محمد بن مسلمة من باع عبدا بمائة واشترط أن يسلفه سلفا كان البيع مفسوخا إلا أن يقول المشتري لا حاجة لي في السلف قبل أن يقبضه فيجوز البيع قال أبو عمر تحصيل مذهب مالك في البيع والسلف انه إذا أدرك فسخ وان فات ترك الذي قبض السلف السلف وكان للبائع قيمة سلعته يوم قبضها المبتاع ما بينه وبين ما باعها به فأدنى من ذلك إذا كان البائع هو الذي اسلف المبتاع سلفا ذهبا أو ورقا معجلا فإن زادت قيمة السلعة على الثمن الذي باعها به لم يرد عليه شيء لأنه قد رضي به على أن أسلف معه سلفا ولو أن المشتري كان هو الذي أسلف البائع فسخ البيع أيضا بينهما ورجع البائع بقيمة سلعته بالغا ما بلغت إلا أن تنقص قيمتها من الثمن فلا ينقص المشتري من الثمن لأنه قد رضي به على أن أسلف معه سلفا وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم لا يجوز البيع وان رضي مشترط السلف بتركه وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما وسائر العلماء لأن البيع إذا وقع فاسدا لم يجز وإن أجيز حتى يفسخ ويستأنف فيه عقد آخر والقيمة عنده بالغا ما بلغت وسواء كان المسلف البائع أو المشتري وقال الأبهري قد روى بعض المدنيين عن مالك أنه لا يجوز وإن ترك السلف قال وهو القياس أن يكون عقد البيع فاسدا في اشتراط السلف كالبيع في الخمر والخنزير لأن البيع قد وقع فاسدا فلا بد من فسخه إلا أن يفوت فيرد السلف ويصلح بالقيمة قال أبو عمر قد سأل محمد بن أحمد بن سهل البركاني عن هذه المسألة إسماعيل بن إسحاق فقال ما الفرق بين البيع والسلف وبين رجل باع غلاما بمائة دينار وزق خمر أو شيء حرام ثم قال أنا أدع الزق أو الشيء الحرام قبل أن يأخذه وهذا البيع مفسوخ عند مالك غير جائز فقال إسماعيل الفرق بينهما أن مشترط السلف هو مخير في أخذه وتركه وليس مسألتك كذلك وإنما ذلك يكون مثل مسألتك لو قال أبيعك غلامي بمائة دينار على أني ان شئت أن تزيدني زق خمر زدتني وإن شئت تركته ثم ترك زق الخمر فجاز البيع ولو أخذه فسخ البيع قال أبو عمر لم يصنع إسماعيل شيئا لأن مشتري الزق من الخمر إذا شاء أن يتركه تركه كصاحب السلف سواء ولم تقع مسألة السلف المشترط ولا مسألة الزق من الخمر المشترط أيضا في أصل البيع وعقد الصفقة على التخيير في واحدة من المسألتين ليس في واحدة منهما إن شئت أن تريد ولا إن شئت أن تسلفني فاعتل إسماعيل بغير علة واحتج بغير حجة والأصل ما قدمت لك من أن البيع والسلف لا يقع من مجهولا وكذلك الزق من الخمر يقع به الثمن مجهولا لسقوط بيع الخمر في الشريعة ولأنها صفة جمعت حلالا وحراما فلو صححنا الحلال منها رجع الثمن إلى القيمة والبيع بالقيمة بيع بثمن مجهول قال مالك ولا بأس أن يشتري الثوب من الكتان أو الشطوي أو القصبي بالأثواب من الإتريبي أو القسي أو الزيقة أو الثوب الهروي أو المروي بالملاحف اليمانية والشقائق وما أشبه ذلك الواحد بالاثنين أو الثلاثة يدا بيد أو إلى أجل وإن كان من صنف واحد فإن دخل ذلك نسيئة فلا خير فيه قال مالك ولا يصلح حتى يختلف فيبين اختلافه فإذا أشبه بعض ذلك بعضا وإن اختلفت أسماؤه فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى أجل وذلك أن يأخذ الثوبين من الهروي بالثوب من المروي أو القوهي إلى أجل أو يأخذ الثوبين من الفرقبي بالثوب من الشطوي فإذا كانت هذه الأجناس على هذه الصفة فلا يشتري منها أثنان بواحد إلى أجل قال مالك ولا بأس أن تبيع ما اشتريت منها قبل أن تستوفيه من غير صاحبه الذي اشتريته منه إذا انتقدت ثمنه قال أبو عمر أما قوله لا بأس أن تبيع ما اشتريت منها - يعني الثياب قبل أن تستوفيه فقد مضى القول في ذلك في باب بيع الطعام وإن مالكا لا يرى غير الطعام في ذلك كالطعام وسيأتي ذلك المعنى بأبسط مما مضى في هذا الباب بعد هذا إن شاء الله عز وجل قال عبد الملك بن حبيب إلاتريبي ثياب تعمل بقرية من قرى مصر يقال لها إتريب‏.‏ وأما القسي فثياب تعمل في القس ناحية من نواحي مصر‏.‏ وأما الزيقة فثياب تعمل بالصعيد غلاظ ردية‏.‏

وأما الشقائق فالأزر الضيقة الردية قال أبو عمر في هذا الباب أن العروض كلها من الثياب وغير الثياب لا بأس بالعرض المعجل من جنسه ومن غير جنسه إذا اختلفا فبان اختلافهما اثنان بواحد فكيف شئت ولا يضره اتفاق أجناسهما إذ اختلفت الأعراض فيهما واختلفت منافعها فإن اتفقت الأعراض والمنافع لم يجز فلا يجوز ثوب شطوي بثوبين من الشطوي إلى أجل ولا بأس بالثوب الشطوي نقدا بالثوبين من المروي إلى أجل وإن كان ذلك كله من الكتان وتفسير ذلك انه يجوز تسليم غليظ الكتان في رقيقه ورقيقه في غليظه اثنين في واحد وواحد في اثنين وكذلك ثياب القطن والصوف رقيقها في غليظها وغليظها في رقيقها ولا ينظر إلى اتفاق أسمائها ولا إلى أصلها إذا اختلفت منافعها وأغراض الناس فيها وكذلك العبد الصانع العامل أو الكاتب أو الفصيح يسلم في الأعبد الذين ليسوا مثله وإن كانوا أصلهم كلهم العجم لأن الغرض مختلف هذا معنى قول مالك ومذهبه وقد أوضحنا مذهب مالك في الكتاب الكافي وأتينا فيه بالبيان الشافي والحمد لله وقال الزهري لا يصلح ثوب بثوبين دينا إلا أن يختلفا وقال سليمان بن يسار لا يصلح ثوب بثوبين إلا يدا بيد وقال يحيى بن سعيد الأنصاري لا يجوز النسأ في الشيء يباع في صنفه إلا أن تختلف الصفة والتسمية وقال ربيعة الذي يحرم من ذلك الثوب بالثوبين إلى أجل من ضرب واحد كالسائرية بالسائرتين والقبطية بالقبطتين والريطة بالريطتين من نسج الولائد‏.‏ وأما الليث بن سعد فقال نسيج مصر كلها كله صنف واحد ولا يجوز فيه النسأ بعضه ببعض قال ويجوز نسيج مصر كله بنسيج العراق نسيئة‏.‏

وأما أبو حنيفة فمذهبه في هذا الباب قريب من مذهب مالك ولم يختلف هو وأصحابه في أنه يجوز بيع الثياب بعضها ببعض نسيئة إذا اختلف الجنس فيها نحو الهروي بالقوهي وما كان مثلها به ونحوه عن الثوري وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن مغيرة عن إبراهيم وعن معمر عن إبراهيم وعن حماد عن إبراهيم أنه كان لا يرى بأسا بالثوب بالثوبين نسيئة إذا اختلفت ويكره من شيء واحد وعن معمر عن من سمع الحسن يقول مثل ذلك في كل العروض وقال الحسن بن حي أكره النسأ في الثياب إذا كان أصلها واحدا قال وإن كان أحدهما قطنا والآخر كتانا أو صوفا فلا بأس بالنسيئة فيهما‏.‏

وقال الشافعي كل ما خرج من المأكول والمشروب والذهب والفضة فجائز فيه النسيئة والتفاضل كيف شاء المتبايعين ولا ربا في شيء منه وهو قول سعيد بن المسيب وبه قال الأوزاعي قال سعيد بن المسيب لا بأس بقبضة بقبضتين إلى أجل وكذلك سائر الثياب قال أبو الزناد وخالفه الفقهاء كلهم في هذا وقال الأوزاعي يجوز أن يعطى عشرة أثواب‏.‏

وقال أحمد بن حنبل كل ما لا يكال ولا يوزن فجائز التفاضل فيه ولا يجوز نسيئة وعن معمر والثوري فجائز التفاضل وعن إسماعيل بن أمية عن بن المسيب في قبطية بقبطيتين نسيئة كان لا يرى بذلك بأسا وزاد معمر في حديثه إنما الربا فيما يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب قال حدثني عبد الله بن محمد قال حدثني عبد الله بن محمد بن علي قال حدثني أبو عمر بن أبي زيد قال حدثني بن وضاح قال حدثني زيد بن البشير قال حدثني بن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد قال كان الناس يخالفون سعيد بن المسيب فذكر أشياء منها قوله لا بأس بقبطية بقبضتين إلى أجل من صنف واحد حدثني خلف بن قاسم قال حدثني الحسن بن رشيق قال حدثني علي بن سعيد قال حدثني أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال حدثني يونس بن بكير قال حدثني محمد بن إسحاق قال حدثني مكحول قال طفت الأرض كلها أطلب العلم فما لقيت رجلا أعلم من سعيد بن المسيب‏.‏

باب السلفة في العروض

1323- مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال سمعت عبد الله بن عباس ورجل يسأله عن رجل سلف في سبائب فأراد بيعها قبل أن يقبضها فقال بن عباس تلك الورق بالورق وكره ذلك قال مالك وذلك فيما نرى والله أعلم أنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به ولو أنه باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن بذلك بأس قال أبو عمر السبائب عمائم الكتان وغيره وقيل شفق الكتان وغيره وقيل الملاحف‏.‏

وأما بيع ما سلف فيه من العروض قبل قبضها فقد اختلف فيها السلف والخلف من العلماء فمنهم من رأى العروض والطعام في ذلك سواء وهو مذهب بن عباس ولذلك كره بيع السبائب للذي سلف فيها قبل أن يقبضها وذلك معروف محفوظ عن بن عباس لأنه عنده من باب ربح ما لم يضمن على خلاف ما ظنه مالك رحمه الله وروى معمر والثوري وبن عيينة عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس وعن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏‏(‏ من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه قال بن عباس وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام وحجة من ذهب هذا المذهب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن ومعناه ما كان في ضمان غيره فليس له أن يبيعه لأن المعنى أنه نهي عن بيع ما لم يضمن فصار الربح وغير الربح في ذلك سواء لأنه ما جاز بيعه برأس المال ودونه وهذا ما لا خلاف فيه فأغنى عن الكلام عليه وروى معمر عن أيوب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف وعن شرطين في بيع وعن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن وروى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى وكان يقف أنه لا يباع بيع حتى يقبض فدل أنه قبض منه ما فهم بن عباس وروى حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‏(‏‏(‏إذا ابتعت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه‏)‏‏)‏‏.‏

وأما اختلافه عن الفقهاء - أئمة الفتوى - في هذا الباب فجملة مذهب مالك فيه أنه قال لا بأس ببيع غير المأكول والمشروب نحو الثياب والعروض لكل من سلم فيها أو أشتراها قبل أن يقبضها فمن اشتراها منه إلا أنه إذا سلف فيها فلا يجوز بيعها من الذي نهى عليه إلا بمثل رأس المال أو اقل لا يريد إلا على رأس ماله ولا يؤخذ لأنه إن باعه بأكثر كان ذلك فضة أو ذهبا بأزيد منها إلى أجل وكذلك إذا أخره كان أيضا عنده دينا في دين فإن باع منه شيئا مما يسلم فيه إليه من العروض بعرض وكان قد سلم فيه إليه عينا جاز قبل محل الأجل وبعده إذا قبض العرض ولم يؤخره وكذلك لو كان رأس مال المسلم عرضان وباعه منه بعرض مخالف خلافا بينا لعرضه الذي سلم فيه ويجوز عنده أن يبيعه من غير من أسلم فيه إليه بأقل أو أكثر إذا انتقد الثمن وقد بينا مذهب مالك في هذا المعنى وغيره في كتاب البيوع من الكتاب ‏(‏‏(‏الكافي‏)‏‏)‏ وحجة مالك ومن قال بقوله في هذا الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خص الطعام إلا يبيعه كل من ابتاعه حتى يستوفيه ويقبضه فإدخال غير الطعام في معناه ليس بأصل ولا قياس لأنه زيادة على النص بغير نص وهذا أيضا مذهب أحمد بن حنبل وداود بن علي لأن الله تعالى قد أحل البيع مطلقا إلا ما خصه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وذكره في كتابه‏.‏

وأما حديث حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‏(‏‏(‏إذا ابتعت بيعة فلا تبعه حتى تقبضه‏)‏‏)‏ فإنما أراد الطعام بدليل رواية الحفاظ لحديث حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ‏(‏‏(‏إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تقبضه‏)‏‏)‏‏.‏

وقال الشافعي لا يجوز بيع شيء أتبعته حتى تقبضه طعاما كان أو غيره قال وكذلك العقار والعروض كلها وكل ما ملك بشراء أو خلع أو نكاح‏.‏

وقال أبو حنيفة لا يجوز بيع شيء ملك بعقد ينتقض العقد بهلاكه قبل القبض كالبيع والإجارة إلا العقار فإنه يجوز بيعه قبل القبض في ذلك كله قال وجائز بيع ما ملك بعقد لا ينتقض العقد بهلاكه قبل القبض كالمهر والجعل في الخلع وقال أبو يوسف ومحمد مثل قول أبي حنيفة في ذلك كله إلا في العقار فإنهما قالا لا يجوز بيع العقار وبيع العقار قبل القبض إذا ملك كالشراء ثم رجع أبو يوسف إلى قول أبي حنيفة وقال الثوري لا يجوز بيع شيء من المسلم قبل القبض وقال الأوزاعي من اشترى ثمرة لم يجز له بيعها قبل القبض وقال عثمان البتي لا بأس أن يبيع كل شيء قبل أن يقبضه وإن كان ما يكال أو يوزن قال أبو عمر قول البتي خلاف السنة الثابتة من أخبار الآحاد العدل وخلاف الجمهور فلا معنى له ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى وروي ذلك من وجوه شتى صحاح كلها وروى أبو الزناد عن عبيد بن حنين عن بن عمر عن زيد بن ثابت قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تباع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن سلف في رقيق أو ماشية أو عروض فإذا كان كل شيء من ذلك موصوفا فسلف فيه إلى أجل فحل الأجل فإن المشتري لا يبيع شيئا من ذلك من الذي اشتراه منه بأكثر من الثمن الذي سلفه فيه قبل أن يقبض ما سلفه فيه وذلك أنه إذا فعله فهو الربا صار المشتري أن أعطى الذي باعه دنانير أو دراهم فانتفع بها فلما حلت عليه السلعة ولم يقبضها المشتري باعها من صاحبها بأكثر مما سلفه فيها فصار أن رد إليه ما سلفه وزاده من عنده قال أبو عمر هذه المسألة قد أوضح مالك فيها مذهبه وذلك على أصله في قطع الذرائع‏.‏

وأما غيره من فقهاء الأمصار فلا يجيزون بيع شيء سلم فيه لأحد حتى يقبضه على ما تقدم من مذهبهم في أن العروض في ذلك كالطعام ومن حجتهم في هذه المسألة بعينها أنه يجوز بيع السلم من المسلم إليه فيه حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‏(‏‏(‏من سلف في شيء فلا يصرفه في غيره‏)‏‏)‏ وقد تكرر هذا المعنى لتكرير مالك له قال مالك من سلف ذهبا أو ورقا في حيوان أو عروض إذا كان موصوفا إلى أجل مسمى ثم حل الأجل كذا روى يحيى ثم حل الأجل وليس في سائر ‏(‏‏(‏الموطأ‏)‏‏)‏ فإنه لا بأس أن يبيع المشتري تلك السلعة من البائع قبل أن يحل الأجل أو بعد ما يحل بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره بالغا ما بلغ ذلك العرض إلا الطعام فإنه لا يحل أن يبيعه حتى يقبضه وللمشتري أن يبيع تلك السلعة من غير صاحبه الذي ابتاعها منه بذهب أو ورق أو عرض من العروض يقبض ذلك ولا يؤخره لأنه إذا أخر ذلك قبح ودخله ما يكره من الكالئ بالكالئ والكالئ بالكالئ أن يبيع الرجل دينا له على رجل بدين على رجل آخر قال أبو عمر الكلام في التي قبلها أغنى عن الكلام فيها لأنه بيع ما لم يقبض وإذا كان طعاما جاز عند مالك وأحمد وداود ومن قال بقولهم في ذلك ولا يجوز عند غيرهم طعاما كان أو غير طعام بما قدمنا ذكره لأنه سلم عنده صرف في غيره أن يبيع من صاحبه وإن بيع من غيره فهو بيع ما لم يقبض وقد مضى القول فيه والحمد لله كثيرا قال مالك ومن سلف في سلعة إلى أجل وتلك السلعة مما لا يؤكل ولا يشرب فإن المشتري يبيعها ممن شاء بنقد أو عرض قبل أن يستوفيها من غير صاحبها الذي اشتراها منه ولا ينبغي له أن يبيعها من الذي ابتاعها منه إلا بعرض يقبضه ولا يؤخره قال مالك وإن كانت السلعة لم تحل فلا بأس بأن يبيعها من صاحبها بعرض مخالف لها بين خلافه يقبضه ولا يؤخره قال أبو عمر العرض المخالف هو الذي يجوز أن يسلم في أكثر منه وما لم يجز سلمه في أكثر منه من العروض لم يجز أن يقتضي من السلم في عرض ومن سلم في عرض لا يؤكل ولا يشرب فلا يأخذ عرضا وإن كان لا يؤكل ولا يشرب إلا أن يكون مثله في صفته ووزنه أو كيله أو عدده أو زرعه وجميع أحواله كلها فيكون قد أقال وأخذ رأس ماله بعينه أو يكون عرضا مخالفا بينا خلافه فيأخذ الفضل مما أعطى أو أدون إن شاء كما يكون له لو سلفه فيه يقف على هذا الأصل وهو في ‏(‏‏(‏الكافي‏)‏‏)‏ مبسوط مع سائر معاني مالك وأغراضه في البيوع والحمد لله قال مالك فيمن سلف دنانير أو دراهم في أربعة أثواب موصوفة إلى أجل فلما حل الأجل تقاضى صاحبها فلم يجدها عنده ووجد عنده ثيابا دونها من صنفها فقال له الذي عليه الأثواب أعطيك بها ثمانية أثواب من ثيابي هذه إنه لا بأس بذلك إذا أخذ تلك الأثواب التي يعطيه قبل أن يفترقا فإن دخل ذلك الأجل فإنه لا يصلح وإن كان ذلك قبل محل الأجل فإنه لا يصلح أيضا إلا أن يبيعه ثيابا ليست من صنف الثياب التي سلفه فيها قال أبو عمر هذا عنده من باب من سلف في قمح قبل الأجل جاز له عنده أن يأخذ فيئه شعيرا لأنه تجاوز عنه وكذلك لو سلف في شعير فتفضل الذي هو عليه بأن يعطيه فيه قمحا عند محل الأجل جاز عنده لأنه أحسن إليه وليس ذلك كله عنده بيعا لأن الشعير والقمح عنده صنف واحد فكذلك الثياب الثمانية الدون إذا كانت من صنف الثياب الأربعة وجنسها ولو كان ذلك قبل محل الأجل أو دخله الأجل كان كذلك بيعا للقمح بالشعير من أكل البغل لأنه إذا أعطاه قبل محل الأجل شعيرا في القمح فقد باع منه الأجل يفصل ما بين الشعير والقمح وأخذ شيء من الزيادة أو النقصان من أجل الأجل ربا فأما الزيادة فهو الربا بعينه‏.‏

وأما النقصان فذلك عندهم لطرح الضمان في بقية الأجل وهو عندهم من باب ضع وتعجل فهذا أصل مالك - رحمه الله في هذا الباب وأصل الشافعي والكوفي ما قدمنا عنهما‏.‏

وقال الشافعي فيمن سلم في ثوب وسطه فجاءه بأجود منها وزاده درهما إن ذلك لا يجوز في أجود منها ولا في أطول وكذلك لا يجوز عنده أن يسترجع درهما في أدون ولا أكثر لأنه بيع له قبل قبضه وهو أيضا من باب يتعين في بيعه‏.‏

وقال أبو حنيفة ذلك جائز في الثوب ولو كان مكيلا أو موزونا لم يجز وقال أبو يوسف ومحمد لا يجوز ذلك في المكيل ولا الموزون أيضا‏.‏

وقال مالك يجوز في الثوب أن يؤخذ أطول ويزيده درهما ولا يجوز أن يأخذ دون ثوبه ويسترجع شيئا والمكيل والموزون الذي لا يؤكل ولا يشرب عنده كالثياب وإنما فرق بين الأطول والزيادة وبين الأدون والنقصان لأن الزيادة على الجنس من الجنس صفقة أخرى فهما صفقتان في وقتين جائزتان وإما إذا أخذ الأدون واسترجع شيئا قبل حله فيدخله عنده ذهب وعوض بذهب أو فضة وذلك غير جائز على أصل مالك وقال الثوري هما جميعا مكروهان لأنه صرف الشيء في غيره وبيعتان في بيعة قال أبو عمر احتج الطحاوي للكوفيين بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يأخذ ابنه لبون عن ابنة مخاض ويرد عليه عشرين درهما ويأخذ الناقص وزيادة عشرين درهما وهذا حديث لم يروه مالك ولم يصح عنده ولم يأخذ به في الزكاة ولا في غيرها ومن كره ذلك جعله من باب بيع ما اشترى قبل قبضه وفي ‏(‏‏(‏المدونة‏)‏‏)‏‏.‏

قال مالك فيمن أسلم في ثوب موصوف ثم زاده دراهم على أن يزيده في طوله إن ذلك جائز قبل الأجل وبعده وهو عنده صفقتان وقال سحنون لا أرى ذلك وهو من باب فسخ الدين في الدين فإن زاده دراهم على أن يكون الثوب أرفع من الصفة الأولى لم يجز ذلك إذا كان قبل الأجل عند مالك وأصحابه فإن كان عند حلول الأجل جاز عندهم إذا تعجله ولم يؤخره‏.‏

باب بيع النحاس والحديد وما أشبههما مما يوزن

1324- قال مالك الأمر عندنا فيما كان مما يوزن من غير الذهب والفضة من النحاس والشبه والرصاص والآنك والحديد والقضب والتين والكرسف وما أشبه ذلك مما يوزن فلا بأس بأن يؤخذ من صنف واحد اثنان بواحد يدا بيد ولا بأس أن يؤخذ رطل حديد برطلي حديد ورطل صفر برطلي صفر قال مالك ولا خير فيه اثنان بواحد من صنف واحد إلى أجل فإذا اختلف الصنفان من ذلك فبان اختلافهما فلا بأس بأن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل فإن كان الصنف منه يشبه الصنف الآخر وإن اختلف في الاسم مثل الرصاص والآنك والشبه والصفر فإني أكره أن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل قال مالك وما اشتريت من هذه الأصناف كلها فلا بأس أن تبيعه قبل أن تقبضه من غير صاحبه الذي اشتريته منه إذا قبضت ثمنه إذا كنت اشتريته كيلا أو وزنا فإن اشتريته جزافا فبعه من غير الذي اشتريته منه بنقد أو إلى أجل وذلك أن ضمانه منك إذا اشتريته جزافا ولا يكون ضمانه منك إذا اشتريته وزنا حتى تزنه وتستوفيه وهذا أحب ما سمعت إلي في هذه الأشياء كلها وهو الذي لم يزل عليه أمر الناس عندنا قال أبو عمر الصفر النحاس المصنوع الأصفر والشبه ضرب منه يقال له اللاطون والآنك القزدير وقال الخليل الآنك الأسرب والقطعة منها أنكة والقضب هو القضقضة والكرسف القطن فما كان من هذه الأشياء كلها فلا ربا فيها عند مالك إذا اختلفت أصنافها لا من تفاضل ولا في نسيئة‏.‏

وأما الصنف الواحد إذا بيع منه اثنان بواحد إلى الأجل فذلك عنده سلف أسلفه ليأخذ أكثر منه شرط ذلك وأظهر فيه لفظ البيع ليجيز بذلك ما لا يجوز من السلف في الزيادة فلا يجوز فإن باع الصنف الواحد اثنين بواحد يدا بيد جاز لأنه ارتفعت فيه التهمة وبعدت منه الظنة وعلم أنه لم يدخله شيء من القرض وهو السلف هذا أصل مالك وأصحابه في كل ما عدا المأكول والمشروب والذهب والورق إلا أن مالكا كره الفلوس اثنين بواحد يدا بيد فخالف اصله في ذلك ورآها كالذهب والفضة وحمل ذلك عند أصحابه على الكراهة لا على التحريم فلا‏.‏

وأما الشافعي فلا ربا عنده في شيء من ذلك كله على حال من الأحوال وجائز عنده بيع كل صنف منه يدا بيد ونسيئة كيف شاء المتبايعان اثنان بواحد وأكثر ولا يتهم أحد ذكر بيعا لأنه أراد سلفا كما لو قال أسلفك لم يكن عنده بمعنى بعتك‏.‏

وأما الكوفيون فقد ذكرت ذلك فيما تقدم من أبواب هذا الكتاب أن الكيل والوزن عندهم فيما لا يؤكل ولا يشرب كالجنس من المأكول والمشروب كل واحد منهما بانفراده يحرم النسيئة فيه فإن اختلف الجنسان حرمت النسيئة فيهما دون التفاضل‏.‏

وأما التفاضل فلا يحرم إلا باجتماع الجنس أو الكيل أو الوزن‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز الحديد بالحديد ولا الصفر بالصفر ولا النحاس بالنحاس إلا واحدا بواحد ولا يجوز نسيئة وأجازوا سكينا بسكين لأن ذلك قد خرج من أن يباع وزنا وكذلك عندهم حكم كل آنية تصنع من الحديد وغيره ولا يجوز ذلك عندهم ولا عند أحد من العلماء في آنية الذهب والفضة وهذا ترك منهم للقياس لأن الإجماع لما انعقد في آنية الذهب والفضة كالعين والتبر من الذهب وآنية الفضة كالتبر والعين من الفضة وجب أن يكون ما خرج من الصنعة في الحديد ومن النحاس ومن الصفر وكالحديد وكالنحاس وكالصفر وخلاف هؤلاء في آنية الحديد بالحديد كخلاف مالك - رحمه الله - في الفلوس ونذكر ها هنا اختلافهم في الفلوس ملخصا بحمد الله تعالى قال مالك لا يجوز بيع فلس بفلسين يدا بيد فجعل الفلوس ها هنا كالذهب أو كالفضة وقال لا بأس ببيع الفلوس بالذهب والورق فإن لم يتقايضا جميعا حتى افترقا فأكرهه وأفسخ البيع فيه ولا أراه كتحريم الدنانير والدراهم وقول عبيد الله بن الحسن في بيع بفلسين كقول مالك وهو قول محمد بن الحسن‏.‏

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف لا بأس ببيع فلس بفلسين وهو قول الشافعي وزاد الشافعي فأجاز السلم في الفلوس ولا ربا عنده في عين الذهب والورق والمأكول كله والمشروب لا في نسيئة ولا في تفاضل وهو قول أبي ثور وداود‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه من ابتاع الفلوس بالدنانير والدراهم وقبض أحدهما فافترقا قبل قبض الآخر لم يبطل العقد قال وإن لم يقبض واحدا منهما حتى افترقا بطل العقد ليس لأنه فرق ولكن لأن كل واحد منهما ثمن فصار دينا بدين قال أبو عمر لما اجتمع العلماء على أنه لا بأس بشراء النحاس والصفر والحديد والمسك والعنبر والزعفران وما أشبه ذلك من الموزونات بالذهب والورق نقدا ونسيئة دل -والله أعلم- على فساد ما أحله الكوفيون في أن الوزن جنس لا يجوز فيه التفاضل ولا النسأ ولهم ولسائر العلماء في أصول هذا الباب اعتراضات وتنازع واحتجاجات يطول ذكرها وليس كتابنا هذا موضعا لها وقد أجمعوا على جواز بيع الزعفران والقطن والحديد والرصاص وكل ما يوزن بالذهب والفضة بالنقد والنسيئة وأجمعوا أنه لا يباع الذهب بالفضة نسيئة فدل على مخالفتها لسائر الموزونات وأجمعوا على أنها قيم للمتلفات والمستهلكات دون غيرها فدل على خصوصها وخروجها على سائر الموزونات‏.‏

وأما قول مالك وما اشتريت من هذه الأصناف كلها فلا بأس أن تبيعه قبل أن تقبضه لى آخر كلامه فقد مضى القول فيها مكررا فلا معنى لإعادته قال مالك الأمر عندنا فيما يكال أو يوزن مما لا يؤكل ولا يشرب مثل العصفر والنوى والخبط والكتم وما يشبه ذلك أنه لا بأس بأن يؤخذ من كل صنف منه أثنان بواحد يدا بيد ولا يؤخذ من صنف واحد منه اثنان بواحد إلى أجل فإن اختلف الصنفان فبان اختلافهما فلا بأس بأن يؤخذ منهما اثنان بواحد إلى أجل وما اشترى من هذه الأصناف كلها فلا بأس بأن يباع قبل أن يستوفى إذا قبض ثمنه من غير صاحبه الذي اشتراه منه قال أبو عمر العصفر نوار معروف وصبغ معلوم‏.‏ وأما النوى فنوى التمر يرضخ بالمراضخ فتعلفه الإبل‏.‏ وأما الخبط فهو ورق الشجر يجمع ويدق وتعلفه الإبل‏.‏

وأما الكتم فشجرة يخضب بها الشعر مع الحناء وكل ما في هذا الفصل فقد تقدم القول فيه مستوعبا في الفصل الذي قبله لأنه واحد كله قال مالك وكل شيء ينتفع به الناس من الأصناف كلها وإن كانت الحصباء والقصة فكل واحد منهما بمثليه إلى أجل فهو ربا وواحد منهما بمثله وزيادة شيء من الأشياء إلى أجل فهو ربا قال أبو عمر إنما جعله ربا لأنه عنده سلف جر منفعة اشترطها وازدادها على ما أعطى إلى أجل في الصنف الواحد ولم يلتفت مالك إلى ذكر البيع وإنما اعتبر ما يصير الفعل إليه منهما فإذا حصل بيد الآخر شيء على أن يرد مثله في صفقة وزيادة مثله أو أقل أو أكثر فهو زيادة في السلف والزيادة في السلف مجتمع على تحريمها في الأشياء كلها‏.‏

وأما الشافعي فالقرض عنده ما استقرضه المسقرض ولا نظن بالبائع ولا بالمبتاع أنه مقرض ولا مستقرض لأن البيع معنى والقرض معنى آخر ألا ترى أن القرض إنما يكون إلى أجل أو حالا ولا يكون يدا بيد وليس هذا معنى البيع ولا يشبهه في شيء ولكن لا يجب به حكم وإنما الأحكام الدنيا بيننا على ما ظهر لنا ولا ربا عنده إلا فيما تقدم ذكرنا له‏.‏

وأما الكوفيون فأصولهم قد وصفناها ومذهبهم في ذلك أشد وأضيق من مذهب مالك وقد أوضحنا ذلك في باب بيع الحيوان بعضه ببعض فهم لا يجيزونه نسيئة البتة اختلف أو لم يختلف وكذلك سائر العروض وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن بن سيرين قال أعياني أن أعرف ما العروض إذا بيع بعضها ببعض نظرة‏.‏

باب النهي عن بيعتين في بيعة

1325- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة هذا الحديث مسند متصل عن النبي صلى الله عليه وسلم عن حديث بن عمر وحديث بن مسعود وحديث أبي هريرة وكلها صحاح من نقل العدول وقد تلقاها أهل العلم بالقبول إلا أنهم اتسعوا في تخريج وجوه هذا الحديث على معان كثيرة وكل يتأول فيه على أصله ما يوافقه وسنذكر من ذلك هنا ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى ومن أحسن أسانيد هذا الحديث ما حدثناه سعيد بن نصر ويحيى بن عبد الرحمن قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم قال حدثنا بن وضاح‏.‏

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني أحمد بن زهير قال حدثني يحيى بن معين قال أخبرني هشيم قال أخبرنا يونس بن عبيد عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة ورواه محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا كثيرا من طرق هذه الأحاديث في ‏(‏‏(‏التمهيد‏)‏‏)‏ وقد روى شعبة حديث بن مسعود مرفوعا وقال هو ربا أخبرنا أحمد بن قاسم ومحمد بن عبد الله بن جابر قالا حدثني محمد بن معاوية قال حدثني أبو حنيفة قال حدثني أبو الوليد الطيالسي قال حدثني شعبة عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال لا تصلح صفقتان في صفقة واحدة وقال بن مسعود هو ربا‏.‏

وأما أقاويل الفقهاء ومذاهبهم في ذلك فنذكر أولا ما رسمه مالك في ‏(‏‏(‏الموطأ‏)‏‏)‏ ثم نتبعه بأقوال سائر الفقهاء إن شاء الله تعالى‏.‏

1326- مالك أنه بلغه أن رجلا قال لرجل ابتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه قال أبو عمر هذا الحديث عند مالك فيه وجهان أحدهما العينة وقد تقدم تفسيرها بمثل هذا الحديث عند مالك عن بن شهاب وغيره والثاني أنه من باب بيعتين في بيعة لأنها صفقة جمعت بيعتين أصلها البيعة الأولى‏.‏

1327- مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد سئل عن رجل اشترى سلعة بعشرة دنانير نقدا أو بخمسة عشر دينارا إلى أجل فكره ذلك ونهى عنه قال أبو عمر هذا من بيعتين في بيعة عند الجميع إذا افترقا على ذلك إلا أنهم اختلفوا في المعنى الذي له وجبت الكراهة والتحريم في ذلك على ما نذكره بعد إن شاء الله تعالى فمن ذلك ما قاله مالك بأثر هذا الحديث قال مالك في رجل ابتاع سلعة من رجل بعشرة دنانير نقدا أو بخمسة عشر دينارا إلى أجل قد وجبت للمشتري بأحد الثمنين إنه لا ينبغي ذلك لأنه إن أخر العشرة كانت خمسة عشر إلى أجل وإن نقد العشرة كان إنما اشترى بها الخمسة عشر التي إلى أجل قال مالك في رجل اشترى من رجل سلعة بدينار نقدا أو بشاة موصوفة إلى أجل قد وجب عليه بأحد الثمنين إن ذلك مكروه لا ينبغي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيعتين في بيعة وهذا من بيعتين في بيعة قال مالك في رجل قال لرجل أشتري منك هذه العجوة خمسة عشر صاعا أو الصيحاني عشرة أصوع أو الحنطة المحمولة خمسة عشر صاعا أو الشامية عشرة أصوع بدينار قد وجبت لي إحداهما إن ذلك مكروه لا يحل وذلك أنه قد أوجب له عشرة أصوع صيحانيا فهو يدعها ويأخذ خمسة عشر صاعا من العجوة أو تجب عليه خمسة عشر صاعا من الحنطة المحمولة فيدعها ويأخذ عشرة أصوع من الشامية فهذا أيضا مكروه لا يحل وهو أيضا يشبه ما نهي عنه من بيعتين في بيعة وهو أيضا ما نهي عنه أن يباع من صنف واحد من الطعام اثنان بواحد وقد فسر مالك مذهبه في معنى النهي عن بيعتين في بيعة واحدة وأن ذلك عنده على ثلاثة أوجه أحدها العينة والثاني أنه يدخله مع الطعام من جنس واحد متفاضلا والثالث أنه من بيوع الغرر ونحو ذلك فسره بن القاسم قال عيسى بن دينار سألت بن القاسم عن تفسير بيعتين في بيعة فقال لي بيعتين في بيعة أكثر من أن يبلغ لك تفسيره وأصل ما بنينا عليه وتعرف به مكروههما أنهما إذا تبايعا بأمر يكون إذا فسخت إحداهما في صاحبه كان حراما أو يكون إذ فسخت إحداهما في صاحبه لم يكن حراما وكان غررا لا يدري ما عقد به بيع سلعته ولا ما وجب له وهذا من بيعتين في بيعة وأصلها الغرر والمخاطرة وهو فسخ إن وقع إلا أن تفوت السلعة عند مبتاعها فيكون له بقيمتها يوم ابتاعها قال عيسى وتفسير ذلك أن تقول سلعتي هذه لك - إن شئت - بدينار نقدا وإن شئت بدينارين إلى أجل قد وجب عليك الأخذ بأحدهما فهو إن أخذها بالدينار كان نقدا قد فسخ دينارين إلى أجل في دينار نقدا وإن أخذها بدينار إلى أجل كان قد فسخ دينارا نقدا بدينارين إلى أجل فهذا الذي إن فسخه في صاحبه لم يحل‏.‏

وأما الذي إن فسخه من صاحبه كان حلالا وكان غررا لا يدري ما عقد به بيع سلعته فهو أن يقول خذها بدينار نقدا أو بشاة قائمة نقدا فذلك ملك الآخر يأخذها فهو الذي إن فسخ أحدهما في صاحبه كان حلالا وكان غررا لأنه لا يدري ما عقد عليه بيعه قال أبو عمر ما زاد عيسى على أن أتى بما ذكره مالك في ‏(‏‏(‏الموطإ‏)‏‏)‏ إلا أنه سمى الغرر حلالا وذهب إلى تفسير ظنه في الدينار نقدا في الشاة وجعل الوجه من الآخر حراما لأنه عنده في ظنه دينار بدينارين إلى أجل معلوم أن بيع الغرر ليس بحلال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلمنهى عنه كما نهى عن بيع الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد فكيف صار فعل من واقع ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيع الغرر حلالا وصار فعل من واقع ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوجه الآخر حراما على أن كل واحد من الفاعلين لم يقصد في ظاهر أمره ما نهى عنه ولكنه فعل فعلا يشبهه وحصل عند مالك ومن تابعه في حكم من فعله قاصدا إليه فلما صار فعل من واقع أحد النهيين قاصدا أو جاهلا حلالا ومن لم يكن من واقع النهي الثاني مثلها وكلاهما متساويان في فسخ البيع إن أدرك وإصلاحه بالقيمة إن فات والله أعلم قال أبو عمر قول مالك في هذا الباب هو قول ربيعة وأبي الزناد وسليمان بن يسار وبه قال عبد العزيز بن أبي سلمة‏.‏

وأما الشافعي فذكر المزني والربيع والزعفراني عنه معنى نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة أن أبيعك عبدا بألف نقدا أو ألفين إلى سنة ولا أعقد البيع بواحد منهما فهذا تفرق عن ثمن غير معلوم قال المحتمل أن يقول أبيعك عبدي هذا بألف على أن تبيعني دارك بألف إذا وجب لك عبدي وجبت لي دارك فيكون العبد بثمن غير معلوم لأني ما نقصت في العبد أدركته بما ازددت في الدار فتكون الدار بغير ثمن معلوم إني ما ازددت في الدار أدركت في العبد وكل واحد منهما بائع مشتر بثمن لا يوقف على حقيقته فبيعهما مفسوخ وهو يشبه ما نهى عنه من بيعتين في بيعة‏.‏

وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اشترى الرجل بيعا من رجل إلى أجلين فتفرقا على ذلك فلا يجوز وذلك أنه لا يكون إلى أجلين إلا عن ثمنين فإن قال هو بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا ثم افترقا على قطع أحد البيعتين فهو جائز قالوا ومن باع عبده من رجل على أن يبيعه الآخر عبده بثمن ذكره لم يجز فمعنى قول الكوفيين في هذا الباب نحو قول الشافعي‏.‏

وقال مالك فيمن قال أبيعك هذا الثوب بعشرة نقدا أو بخمسة عشر إلى أجل إذا كان البائع والمبتاع كل واحد منهما إن شاء أن يترك البيع ترك ولا يلزمه فلا بأس بذلك ولا يجوز عند مالك والشافعي وأبي حنيفة إن افترقا على ذلك بالالتزام حتى يفترقا على وجه واحد وهو قول الثوري وقال الأوزاعي إن افترقا على ذلك وقبض السلعة فهي بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين وقال بن شبرمة إذا فارقه على ذلك فضاع فعليه أقل الثمنين نقدا وبيان ذلك انه إذا افترق على إلزام إحدى البيعتين بغير عينهما فلا يجوز عند جميعهم لأنه من باب بيعتين في بيعة وافترقا على غير ثمن معلوم فإن افترقا على البيعتين معا على غير التزام بثمن يلزم إحداهما بعد ذلك فأجازه مالك وجعله من باب بيع الخيار وعند أبي حنيفة والشافعي لا يجوز إذا افترقا على غير ثمن معلوم ولا بالتزام ولا بغير التزام لأنهما قد افترقا على ثمن مجهول ودخلا تحت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة‏.‏

وقال مالك من باع سلعة بدينار نقدا أو بدينارين إلى شهر فسخ ذلك وردت إلى قيمتها نقدا ولا يعطى أقل الثمنين إلى أقصى الأجلين وقال الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي عن حديثهم لا تحل السومتان هو بكذا نقدا أو بكذا نسيئة قال يأخذ في ذلك بقول عطاء بن أبي رباح قال لا بأس بذلك ولكن لا يفارقه حتى يأتيه بإحدى البيعتين قلت فإنه ذهب بالسلعة على ذينك الشرطين قال هي بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين وقال الثوري إن بعت بيعا فقلت هو لك بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا فذهب به المشتري وهو بالخيار في البيعتين فإن لم يكن وقع بيعك على أحدهما فهو مكروه وهو بيعان في بيعة واحدة وهو مردود لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه فإن وجدت متاعك بعينه أخذته وإن كان قد استهلك فلك أوكس الثمنين وأبعد الأجلين وإذا ذهب به المشتري على وجه واحد نقدا كان أو نسيئة فلا بأس بذلك وروى الثوري عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال الصفقتان في صفقة ربا قال سفيان يقول إن يأخذ سلعة بيعا فقال أبيعك هذه بعشرة دنانير وتعطيني بها صرف درهم والثوري عن جابر عن الشعبي عن مسروق قال هو ربا وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما وأحمد وإسحاق وأبي ثور وداود وهو عندهم من بيعتين في بيعة وهو عند مالك جائز على ما ذكرناه عنه ومعمر عن الزهري عن قتادة وعن بن طاوس عن أبيه عن قتادة عن بن المسيب قال لا بأس بأن يقول أبيعك هذا الثوب بعشرة دنانير إلى شهر أو بعشرين إلى شهرين إذا باعه على أحدهما قبل أن تفارقه ومعمر وبن عيينة عن بن طاوس عن أبيه قال إذا وقع البيع على هذا فهو بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين‏.‏